26‏/05‏/2009

وداعا.....حكيم - بقلم : محمد نعمان "اسعد القدومي "

وداعا.....حكيم

منذ زمان جفت أقلامي...، وتعلمت من ماضيَّ أن مداد الحبر أزكى من دم الشهداء وتصنعه الأحداث الكبرى ،......و لذا فاني لا أسكب رحيق مدادي إلا في مواضعه الشرعية الموثوقه فقط ،...... في الماضي حفرت بمدادي ضمير قليل من الأحياء ووهبت منه حياة لبعض الأموات ....... ودفنت احد مقالاتي وأقمته من بين الأموات بعد ثلاث ليالي ،....... لا ازعمه يسوع ابن ناصرة بلادي ،..... وما ازعم نفسي رب الأكوان،..... ولكن يزعم قلمي انه لولا عشيرته ما عرف البشر الله ، ولا عبد الآلهة رجل فاني ،.....ويبالغ أحيانا بالزعم بان الرب لا يغير أقواما الا بمشيئتهم ، ويفتخر بأنه في بعض الاحيان تعدى الرب وغيير بعض الأقوام .... و على عكس مشيئة أرباب الطغيان ،..... مجنون هو قلمي ومشحون بالشجن ،... و به عيب... أن الأحداث الكبرى تصنعه ،... وينام مابين الأحداث أزمانا أخرى ،... وبما انه منذ شهور اصبح قلما منفيا بملء إرادته عن وطن متخم بالأحداث فقد تماوت قلمي وجفت أوردة الأحبار العشق من أضلعه .

وما جفت أحداث بلادي ،..... وطني يا ذاك المتخم بالصدمات وبالأحداث .... ما أغربك،..... أصابع خصيان القصر تلعب فيك ... وصحوت وقلمي بالأمس فإذا بالجزارِ ملقىً خارج عكا وعلى الأسوار تلمع بيارق مغبرة من زمنٍ ماضي ، وصاح الديك فيّ ثلاثا.... أتى أبناء النسيان بالطوفان ،...ونفخوا في جثة فرعون و أحيَوها، و طوقها الكهان بطيلسان السلطان ،.....

وشهدنا بالأمس كذلك فرعون ... ينهض مزهوا بالنصر الفارغ ،..... وشهدنا ما يعلن فينا،.... فيقول الفرعون : أنا أزلي ابدي ..... سرمدي لا فاني ،..... قدر اركب ظهر حموريتكم،..... وجهل الإنسان بالإنسان ،.....أرعى مصالحكم ومطامعكم،.....وفتات موائدنا نصيب صرف لكل مخلص متفاني ،... والعن كل الكفار ،.... ومن يستنكر سرقة مداخيل الأوطان ، حاشنا و اُْلوهيتنا أن نفرط في سرقة كنوز الأوطان ،....فمن يسرق هذا الوطن المنكوب إذا لم تسرقه أيادي أصحاب معالينا ،.... لا تترك أوطان الأعراب نهبا للأغراب ،... هذا تدليس يتنافى وقيما وبنود الاستقلال الذاتي ....فولايتنا تعني أنّا نحن الأولى بدماء وأموال ضحايانا منهم ،...... وكذا ما تحويه بقايا الأوطان .

ولذا وانأ في المنفى صحوت وقلمي نرثي أزمان الجزار وعكا ،..... يالله كم كان الجزار يرتفع عظيما،........ ويحمي بمهابته باب القصر وعكا ، ولعكا ارثيه لذلك ،،،....... و في قلبي وانا ارثيه ارتفعت كل الأسوار مهيبة ،....... فدونت نصوصي بالمقلوب ، موسى مصلوب ،...... وعيسى يعمل ساقٍ لشعيب ،........ ومحمد يُبعثُ في الفرس وغداً يغزو بالكلمة بلد العُرب ، ويدعوهم للإيمان ....ليوحدهم

و اكتب نصي ليضيء ،.....فيصيح الخصيان وقد لبسوا ثوب الكهان ،.... انى لك هذا النص؟؟؟ وكيف كتبته ،.... انبي أنت بعثت من بعد زمان الأزمان ؟؟؟ ،....، وتهدد امر مصائرنا بموسى وعصاه وما يُغرقُ فرعون ،.....وتُذيب النص السامي ،... و تجعل مسيرة مولانا أوهاما ،............ وكل الأحداث بهذا القلم تصير مريعة ،....فما أحيا هذا القلم القاني ؟؟؟

حكيم جاء إلى المنفى صبحا فأيقظ قلمي ،..... بهجرته...... ، هجر المملكة وترك العرش وحكمته و قصر الأحزان ، ما هذا ذنبي..... بالأمس فقط صحا قلمي ، انتابته تلك الموجات الموجعة الكبرى ،... وصحوة عابرة من صحوات الموت ،....فانا منذ قريب أسدلت على ماضيّ وماضيكم ستارا شفافا ، واعتدت مراقبة الأحداث بصمتي ،.... وان اشهد عبر الأستار مهازلكم ،.,.. ،واستدرك على نفسي بنذور قاسية لزمن اهتك فيه الاسترة جميعا ،..... وتعلو ضربات البأس ، هناك سيلتفت الكهان الى ساحات القصر ، .... تعبرها بالطهر محبتنا ،.... وأيدٍ بالحق مُشهـرّة تعلو فوق رموز الطغيان ،... موسى مُلتبسا في دور المهدي ...... و يحمل رايات تلفح نور الشمس وتعلو أسوار القصر .

في ذاك الزمن القادم أعد الكهان ، ..... سنقتل فرعون بأيدينا ثانية ....ونصلب هامان،..... وتقطع أيادي الثوار خصيات ذكورتكم،..... وتخلصنا من خنوثة أمثلكم ، وتقمصكم عدوانا ادوار رجال .

يا هذي الخصيات السامية أقيلينا....... فقد ملئت أوساخك كل الأركان علانية ..... وما أنجبت الأرحام منك يوما شيئا مكتملا ، ..... عاقر أنت ،.......... وهذه ارض لا تحمل الا من رجل مكتمل الخلق ،....... ولذا صحا قلمي ،..... ليس لصخب الخصيات السامية ،...... حاشا للقلم ، ولكن لنشيج الأرض وعكا والقصر ،....... ، تدفق على ورقي مداد الحبر...... نذرا الثورة ،..... وملأ الاقنية السوداء ... فتدفق حمما ثائرة في نفسي ،..... لحظات حكيم الصبح أشعلت الأحداث لهيبا ، وبزغ القلم المثكول ليحطم أخرى جدران الصمت ،...... ويصيح بقلبي قف يا هذا ،... وفق برتوكولات التأبين المعمول بها ،.... ينطلق حكيم عن مقعده ، ..... وتؤول مقاعد حكمته أسفا للهكسوس ، وأنت تعاقر صمتك في أركان الكون بعيد ا عن عكا ،....... قف يا هذا صمتا إذا غادر على مذبح أيام الصبر مؤتمن للفكر ......

ما للأيام أعيتك،... وداوت فيك ضمير الثورة،... بالوهم وبالصمت،........أيخلي "حكيم للثورة " مقعد حكمته ، ... ولا تنتصب القامات نشيجا ،.... ولا تحني رأسا يانعة للأنباء المفزعة ، سقطت أبواب الحكمة ،.... وعكا صارت مفتوحة لازمان الجهل ..فما يبقيك جلوسا ؟؟؟؟

ما أعجبك وأعجب امتنا !!!... ألفت ان تهتز حناياها لسقوط معالي الخصيان ،.....وتزأر بالفاجعة الكبرى لكل فقيد فيها ، ولا تطرف عينا إذا هز الأركان سقوط الحكماء ،...... مال لامتنا الفت أن تعبد شهبا عابرة،..... ممن لا تلقي للأرض محبتها ،...... وتغطي عيناها إذا سطعت من مشرقها أبهى شمس ، فانزل رايتك وارفعها سوداء ، .... من بعدك سقطت كل الألواح الطاهرة....... وعبد بني إخوانك من بعدك تمثال العجل .

يا بحارة كل الأزمان ، لتطلق صفّارات مراكبكم أحزانا ،.... حكيم الأشعار ترجل ، وضلت بوصلة القصر ،...

ويا هذا الرابض في برجك،.... في عليائك،.... تجشم عبء السفر إلى ارض الأحزان ،..... أوفي النذر لعكا ولقصر الحكم ،......... واعد بتعسفك وغضب الأيام ذراع سفينتا ،........ وافهم خصيان التاريخ مكانتهم ،...... يا ابن الأمراء،.... وأعد تلك البوصلة الذهبية لمركبنا،...... واطرد كل الكهان وأعلن فينا هذي المرة إلحادا جديا بمبادئهم ،....فقد سقطت منذ زمان فينا آلهة الكهان ، ومللنا أديان الارض جميعا ......

وتفرست التاريخ وعيناك انكفأت لحظات لتعاقر خط الأفق ،........ وحكيم يخطو خطوات واثقة نحو الأفلاك العلوية،...... ويهجر قصر الحكم بعكا ،..... ويهديك من علياء العلياء مقامات سامية ،.... ترانيم للالحاد وللثورة ،.. يكتبها عيسى موسى متى ومحمد،..... وتردد شفتاك وداع عظيم رفع حذاء في وجه الطغيان،........ وتسبح السنة الثوار جميعا ترانيم الصبح القادم ،.... ويصيح حكيم فيك وفيهم بايات وداع ،.......

" سبحانك كل الاشياء رضيت ، سوى الذل ، وان يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان ، وقنعت من الدنيا بنصيب الطير ، ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان وتعود لها ... وانا لازلت اطير فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر سجونا متلاصقة ،.... سجان يمسك سجان "

"وداعــــأً حكيم ...... والى اللقاء في ثورة قادمة"

محمد نعمان "اسعد القدومي "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق